«على الأثرياء والشركات».. فرنسا تعزز جهود خفض العجز المالي من خلال فرض ضرائب جديدة

«على الأثرياء والشركات».. فرنسا تعزز جهود خفض العجز المالي من خلال فرض ضرائب جديدة

تدرس الحكومة الفرنسية الجديدة خيارات متعددة لمعالجة العجز القياسي في ميزانيتها، من بينها فرض ضرائب جديدة على الأثرياء والشركات، وذلك دون التأثير على سجل الرئيس إيمانويل ماكرون في الإصلاحات المؤيدة للأعمال التجارية.

تتوقع الحكومة أن يصل العجز إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وهو أعلى من الهدف المحدد بنسبة 5.1% لهذا العام وأعلى من المستوى البالغ 5.5% في 2023، بالإضافة إلى تجاوزه الحد الأقصى الذي يحدده الاتحاد الأوروبي البالغ 3%. وفق تقرير نشرته الأربعاء صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.

اتخاذ إجراءات حاسمة

وصرح وزير المالية الفرنسي، أنطوان أرماند، البالغ من العمر 33 عامًا، والذي ينتمي لحزب ماكرون الوسطي، بأن "هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة أحد أسوأ العجز في تاريخنا، باستثناء الأزمات الاستثنائية مثل جائحة فيروس كورونا". وأكد أنه سيتم العمل لمواكبة خطورة الموقف.

وأوضح أرماند أنه تتم دراسة فرض رسوم مستهدفة على أغنى الأسر في البلاد بالإضافة إلى رسوم مستهدفة على الشركات. وأضاف: "الأشخاص الذين لديهم أصول كبيرة جدًا، والذين لا يدفعون أحيانًا الكثير من الضرائب، ربما يمكنهم المساهمة بشكل أكبر".

وأفاد وزير المالية بأنه يعارض زيادة العبء الضريبي على "العمال والطبقة المتوسطة بشكل عام"، مشددًا على ضرورة ألا تؤثر أي زيادات ضريبية على النمو أو خلق الوظائف، مما يدل على أن الحكومة الفرنسية ستحاول الالتزام بسياسات ماكرون الاقتصادية.

خيارات لزيادة الضرائب

أشارت فايننشيال تايمز إلى أن أنطوان أرماند ووزير الميزانية الجديد، لوران سان مارتين، يدرسان خيارات لزيادة الضرائب، والتي سيتم تقديمها إلى رئيس الوزراء الفرنسي، ميشيل بارنييه، كجزء من التحضيرات للميزانية لعام 2025، التي سيتم عرضها على البرلمان الشهر المقبل. وستكون هذه أول اختبار سياسي كبير لبارنييه، حيث هددت الأحزاب المعارضة بتقديم اقتراحات لعدم الثقة في حكومته إذا اختلفوا مع خيارات الإنفاق والضرائب.

يُعتبر رفع الضرائب تغييرًا جذريًا في سياسة ماكرون الاقتصادية، التي تهدف منذ انتخابه في عام 2017 إلى خفض الضرائب على الأعمال والأسر، معتقدًا أن ذلك سيساهم في تعزيز النمو وزيادة الاستثمارات.

ومع ذلك، لم تولِ الحكومات الفرنسية المتعاقبة اهتمامًا كبيرًا لكبح الإنفاق، معتمدة على أن النمو الأقوى سيزيد من إيرادات الضرائب بشكل طبيعي. ورغم أن هذه الاستراتيجية حققت بعض النجاح في خفض البطالة وتحفيز الاستثمار من قبل الشركات، فإن عدم الانضباط المالي أدى إلى عجز واسع النطاق.

إعادة فرض ضريبة الثروة

تطرح هذه الأوضاع من جديد القضية السياسية الحساسة حول إعادة فرض ضريبة الثروة، التي ألغيت في عهد ماكرون واستُبدلت بضريبة على الممتلكات العقارية، وسط دعوات من الأحزاب اليسارية لجعل الأثرياء يساهمون بشكل أكبر في خزينة الدولة.

ووضعت بروكسل فرنسا في ما يعرف بإجراء العجز المفرط، مطالبة إياها بتقديم خطة لخفض العجز في السنوات المقبلة، في وقت خفضت فيه وكالات التصنيف الائتماني تصنيف البلاد، بينما ارتفعت تكاليف الاقتراض.

في هذا السياق، تقاربت تكاليف اقتراض فرنسا مع تلك الخاصة بإسبانيا لأول مرة منذ الأزمة المالية لعام 2008، مما أثار قلق المستثمرين بشأن قدرة فرنسا على تقليص عجز ميزانيتها.

 تقليص الدعم

اقترح خبراء اقتصاديون عدة تخفيضات قد تؤثر على الشركات، مثل تقليص الدعم السخي الذي يُمنح لأرباب العمل الذين يوظفون متدربين أو الشركات التي تقوم بأبحاث وتطوير.

وفي ما يتعلق بالزيادة المحتملة على الضرائب المفروضة على بعض الشركات الكبرى، أوضح الوزير الفرنسي أن الحكومة ستعمل بشكل واضح مع جميع الشركات ومع الشركاء في المجتمع، مشددًا على أن هذه الرسوم الجديدة يجب ألا تؤدي إلى توقف النمو.

من المتوقع أن يستعرض رئيس الوزراء ميشيل بارنييه خطته للسياسة العامة الأسبوع المقبل، بعدما دعا إلى "جهد وطني" لخفض عجز القطاع العام في البلاد، مستبعدًا رفع الضرائب بشكل شامل.

قال بارنييه سابقًا إنه يمكن طلب "مساهمة استثنائية" من "الأثرياء جداً" و"الشركات متعددة الجنسيات الكبرى" التي يمكنها المساهمة في جهود الانتعاش الوطني، مضيفًا أن الوضع المالي للحكومة خطير للغاية، ويتطلب اتخاذ تدابير للحد من الإنفاق وزيادة الإيرادات. ومع ذلك، أوضح أنه لن يكون هناك زيادات في ضريبة الدخل لأصحاب الدخل المنخفض أو العمال أو الطبقة المتوسطة.

جدير بالذكر أنه بدون مدخرات إضافية، من المتوقع أن يصل العجز العام في فرنسا إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بدلاً من 5.1% كما كان مأمولا، وقد يرتفع إلى 6.2% في عام 2025، وفق وثائق متعلقة بالميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية.

تواجه الحكومة الفرنسية الجديدة تحديًا كبيرًا يتمثل في كيفية تمرير موازنة عام 2025 في ظل برلمان غير مستقر. وفي إشارة إلى قلق المستثمرين بشأن قدرة الحكومة الجديدة على معالجة عجز كبير في الموازنة، ارتفعت تكاليف الاقتراض في فرنسا لفترة وجيزة فوق نظيرتها في إسبانيا يوم الثلاثاء لأول مرة منذ عام 2008.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية